
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الآخر؟ وهل هذا إلا من أفسد القياس؟ وهو كقياس الربا على البيع والميتة على الذكي (1).
فصل فهذا الفرق من جهة المحتال عليه، وأما الفرق من جهة المحتال به فإن المعرِّض إنما تكلَّم بحق، ونطقَ بصدق فيما بينه وبين الله تعالى، لا سيما إن لم ينوِ باللفظ خلاف ظاهره في نفسه، وإنما كان الظهورُ (2) من ضَعْفِ فهم السامع وقصورِه في فهم دلالة اللفظ، ومعاريض النبي - صلى الله عليه وسلم - ومُزاحه كانت من هذا النوع، كقوله: «نحنُ من ماءٍ»، وقوله: «حاملوكَ على ولدِ الناقة»، و «لا يدخل الجنةَ العُجُز»، و «زوجُك الذي في عينيه بياضٌ» (3)، وأكثر معاريض السلف كانت من هذا. ومن هذا الباب التدليس في الإسناد، لكن هذا مكروه لتعلُّقه بالدين وكون البيان في العلم واجبًا، بخلاف ما قصد به دفع ظالم أو دفع ضرر عن المتكلم.
والمعاريض نوعان: أحدهما: أن يستعمل اللفظ في حقيقته وما وُضِع له، فلا يخرج به عن ظاهره، ويقصد فردًا من أفراد حقيقته، فيتوهَّم السامع أنه قصد غيره: إما لقصور فهمه، وإما لظهور ذلك الفرد عنده أكثر من غيره، وإما لشاهد الحال عنده، وإما لكيفية المخبر وقتَ التكلُّم من ضحك أو غضب أو إشارة ونحو