
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فهدى بكتابه ثم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ثم (1) أنعم عليه، وأقام الحجة على خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وقال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89] وقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]. وفرض عليهم اتباع ما أنزل إليهم وسنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم، فقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36]، فأعلَمَ أن معصيته في ترك أمره وأمر رسوله، ولم يجعل لهم إلا اتباعه. وكذلك قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52 - 53] مع ما علّم الله نبيه، ثم (2) فرض اتباع كتابه فقال: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف: 43]، وقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49]. وأعلمَهم أنه أكمل لهم دينهم فقال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
إلى أن قال (3): ثم منَّ عليهم بما آتاهم من العلم فأمرهم بالاقتصار عليه، وأن لا يقولوا (4) غيره إلا ما علّمهم، فقال لنبيه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ