أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقد صح عن ابن عمر (1) أنه استفتى ابن مسعود في «البتّة» وأخذ بقوله (2)، ولم يكن ذلك تقليدًا له، بل لما سمع قوله فيها تبيَّن له أنه الصواب. فهذا هو الذي كان يأخذ به الصحابة من أقوال بعضهم بعضًا (3)، وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: اغْدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تكوننَّ إمَّعَةً (4)، فأخرجَ الإمّعة ــ وهو المقلّد ــ من زمرة العلماء والمتعلمين، وهو كما قال - رضي الله عنه -؛ فإنه لا مع العلماء ولا مع المتعلمين للعلم والحجة، كما هو معروف ظاهر لمن تأمَّله.
الوجه الثامن والثلاثون: قولهم: «إن عبد الله كان يدَع قوله لقول عمر، وأبو موسى كان (5) يدع قوله لقول علي، وكان زيد (6) يدع قوله لقول أبي بن كعب» (7)، فجوابه أنهم لم يكونوا يدَعون ما يعرفونه من السنة تقليدًا لهؤلاء الثلاثة كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمّل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحدٍ كائنًا من كان، وكان ابن عمر يدع قول عمر إذا ظهرت له السنة (8)، وابن عباس ينكر على من يعارض ما