
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
«اذهَبْ فإن الله قد غفر لك حدَّك» (1). وظهرَ بركةُ هذا العفو والإسقاط في صدق توبته، فقال: «والله لا [3/أ] أشربها أبدًا ــ وفي رواية: أبدَ الأبدِ (2) ــ قد كنت آنَفُ أن أتركَها من أجلِ جَلداتِكم، فأما إذ تركتموني فوالله لا أشربها أبدًا» (3). وقد برئ النبي - صلى الله عليه وسلم - مما صنع خالد ببني جَذِيمة، وقال: «اللهم إني أبرأُ إليك مما صنعَ خالد» (4)، ولم يؤاخذه به لحسن بلائه ونصره للإسلام.
ومن تأمّل المطابقة بين الأمر والنهي والثواب والعقاب وارتباط أحدهما بالآخر علم فقهَ هذا الباب.
وإذا كان الله لا يعذِّب تائبًا فهكذا الحدود لا تُقام على تائب، وقد نصّ الله على سقوط الحد عن المحاربين بالتوبة التي وقعت قبل القدرة عليهم مع عظيم جرمهم، وذلك تنبيه على سقوط ما دون الحراب بالتوبة الصحيحة بطريق الأولى.
وقد روينا في «سنن النسائي» (5) من حديث سِماك عن علقمة بن وائل عن أبيه: أن امرأة وقع عليها [رجلٌ] (6) في سواد الصبح ــ وهي تَعمِد إلى