أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وحاصل الأمر أن اللعب والهزل والمزاح في حقوق الله غير جائز، فيكون جدُّ القول وهزلُه سواء، بخلاف جانب العباد. ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح مع أصحابه ويباسطهم، وأما مع ربه تبارك وتعالى فيجِدُّ كلَّ الجِدّ، ولهذا قال للأعرابي يمازحه: «مَن يشتري منّي العبدَ؟» فقال: تجدني رخيصًا يا رسول الله؟ فقال: «بل أنت عند الله غالٍ» (1). وقصد - صلى الله عليه وسلم - أنه عبد الله، والصيغة صيغة استفهام. وهو - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح ولا يقول إلا حقًّا (2). ولو أن رجلًا قال: «من يتزوَّج أمي أو أختي» لكان من أقبح الكلام، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يضرب من يدعو امرأته أخته، وقد جاء في ذلك حديث مرفوع رواه أبو داود (3) أن رجلًا قال لامرأته: يا أُخَيَّة (4)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أختُك هي؟». وإنما جعل إبراهيم ذلك حاجةً لا مُزاحًا (5).
ومما يوضّحه أن عقد النكاح يُشبِه العبادات في نفسه، بل هو مقدَّم على