
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الحجج عليكم، وبالله التوفيق.
الوجه الخامس والأربعون: قولكم: قال عبد الله بن مسعود: «من كان مستنًّا منكم (1) فليستنَّ بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد» (2)، فهذا من أكبر الحجج عليكم من وجوه: فإنه نهى عن الاستنان بالأحياء، وأنتم تقلّدون الأحياء والأموات.
الثاني: أنه عيَّن المستنَّ بهم بأنهم خير الخلق وأبرُّ الأمة وأعلمهم، وهم الصحابة - رضي الله عنهم -، وأنتم ــ معاشرَ المقلِّدين ــ لا ترون تقليدهم ولا الاستنانَ بهم، وإنما ترون تقليد فلان وفلان ممن هو (3) دونهم بكثير.
الثالث: أن الاستنان بهم هو الاقتداء بهم، وهو بأن يأتي المقتدي بمثل ما أتوا به، ويفعل كما فعلوا، وهذا يُبطل قبول قول أحد بغير حجة كما كان الصحابة عليه.
الرابع: أن ابن مسعود قد صح عنه النهيُ عن التقليد، وأن لا يكون الرجل إمَّعةً لا بصيرةَ له (4)؛ فعلم أن الاستنان عنده غير التقليد.
الوجه السادس والأربعون: قولكم: قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (5)، وقال: