
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جوابنا أنّا حلّلنا وحرّمنا وقضينا بما في كتاب «الأصل» لمحمد بن الحسن مما رواه عن أبي حنيفة وأبي يوسف من رأيٍ واختيار، وبما في «المدونة» من رواية سَحْنون عن ابن القاسم من رأيٍ واختيار، وبما في «الأم» من رواية الربيع من رأيٍ واختيار، وبما في جوابات غير هؤلاء من رأيٍ واختيار، وليتَكُم اقتصرتم على ذلك أو صعدتم إليه أو سَمَتْ هِمَمُكم نحوه، بل نزلتم عن ذلك طبقاتٍ، فإذا سُئِلتم: هل فعلتم ذلك عن أمري أو أمر رسولي؟ فماذا يكون جوابكم إذًا؟ فإن أمكنكم حينئذٍ أن تقولوا: فعلْنا ما أمرتَنا به وأمرنا به رسولُك، فُزتم وتخلَّصتم، وإن لم يمكنكم ذلك فلا بدَّ أن تقولوا: لم تأمرنا بذلك ولا رسولك ولا أئمتنا، ولا بدَّ [16/أ] من أحد الجوابين، وكأنْ قَدْ (1).
ويقال خامس عشر: إذا نزل عيسى ابن مريم إمامًا عدلًا وحكمًا مُقسِطا (2)، فبمذهبِ مَن يحكم؟ وبرأيِ مَن يقضي؟ ومعلوم أنه لا يحكم ويقضي (3) إلا بشريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - التي شرعَها لعباده؛ فذلك الذي يقضي به أحقُّ، وأولى الناسِ به عيسى ابن مريم هو الذي أوجب عليكم أن تَقضُوا وتُفتوا به (4)، ولا يحلُّ لأحدٍ أن يقضي ولا يفتي بشيء سواه البتَّةَ.