
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسواء قيل: إن وجود الشرط وعدم المانع من أجزاء العلة أو هو أمر خارج عنها؛ فالنزاع لفظي، فإن أريد بالعلةِ التامةُ فهما من أجزائها، وإن أريد بها المقتضيةُ كانا خارجين عنها.
فإن قيل: الطواف كالصلاة، ولهذا تشترط له الطهارة من الحدث، وقد أشار إلى هذا بقوله في الحديث: «الطواف بالبيت صلاة» (1)، والصلاة لا تشرع ولا تصح مع الحيض، فهكذا شقيقُها ومُشبِهُها، ولأنها عبادة متعلقة بالبيت، فلم تصح مع الحيض كالصلاة، وعكسه الوقوف بعرفة وتوابعه.
فالجواب: أن القول باشتراط طهارة الحدث للطواف لم يدلَّ عليه نصٌّ ولا إجماع، بل فيه النزاع قديمًا وحديثًا؛ فأبو حنيفة وأصحابه لا يشترطون ذلك، وكذلك الإمام (2) أحمد في إحدى الروايتين عنه.
قال أبو بكر في «الشافي»: باب في الطواف بالبيت غير طاهر، قال أبو عبد الله في رواية أبي طالب: لا يطوف أحد بالبيت إلا طاهرًا، والتطوع أيسرُ، ولا يقف مشاهدَ الحج إلا طاهرًا. وقال في رواية محمد بن الحكم: إذا طاف طواف الزيارة وهو ناسٍ لطهارته حتى رجع فإنه لا شيء عليه، واختار له أن يطوف وهو طاهر. وقد نصَّ أحمد في إحدى الروايتين عنه على أن الرجل إذا طاف جنبًا ناسيًا صح طوافه ولا دم عليه، وعنه رواية أخرى عليه دم، وثالثة أنه لا يجزئه الطواف.