أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وجهين: أحدهما: أن أكثرهم لا يعلم أن جمع الثلاث حرام، لا سيّما وكثير من الفقهاء لا يرى تحريمه، فكيف يُعاقَب من لم يرتكب محرمًا عند نفسه؟ الثاني: أن عقوبتهم بذلك تفتح عليهم باب التحليل الذي كان مسدودًا على عهد الصحابة، والعقوبة إذا تضمَّنتْ مفسدةً أكثر من الفعل المعاقب عليه كان تركها أحبَّ [17/أ] إلى الله ورسوله، ولو فرضنا أن التحليل مما أباحته الشريعة ــ ومعاذَ الله ــ لكان المنع منه إذا وصل إلى هذا الحد الذي قد تفاحش قبحه من باب سدّ الذرائع، وتعيَّن على المفتين والقضاة المنعُ منه جملةً، وإن فُرِض أن بعض أفراده جائز؛ إذ لا يستريب أحد في أن الرجوع إلى ما كان عليه الصحابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر الصديق (1) وصدر خلافة عمر أولى من الرجوع إلى التحليل، والله الموفق.
فصل المثال الثامن: ممّا تتغيَّر به الفتوى لتغيُّر العرف والعادة: موجبات الأيمان والإقرار والنذور وغيرها؛ فمن ذلك أن الحالف إذا حلف «لا ركبتُ دابةً»، وكان في بلدٍ عُرفُهم في لفظ الدابة الحمار خاصةً، اختصَّتْ يمينه به، ولا يحنَث بركوب الفرس ولا الجمل، وإن كان عُرفهم في لفظ الدابة الفرس خاصةً حُمِلت يمينه عليها دون الحمار، وكذلك إن كان الحالف مما (2) عادته ركوب نوع خاص من الدوابّ كالأمراء ومن جرى مجراهم