أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الحكم في كثير من المواضع، كمن صلَّى بالنجاسة ناسيًا أو عامدًا، وكمن فعل المحلوفَ عليه ناسيًا أو عامدًا، وكمن تطيَّب في إحرامه أو قلَم ظفرَه أو حلَق شعرَه ناسيًا أو عامدًا= فسوَّيتم بينهما. وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه من الجاهل والناسي، فأوجبتم القضاء على من أكل في رمضان جاهلًا ببقاء النهار دون الناسي، وفي غير ذلك من المسائل.
وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه من عقود الإجارات، كاستئجار الرجل لطحن الحَبِّ بنصف كُرٍّ (1) من دقيق، واستئجاره لطحنه بنصف كُرٍّ منه، فصحَّحتم الأول دون الثاني، مع استوائهما من جميع الوجوه. وفرَّقتم بأن العمل في الأول في العوض الذي استأجره به ليس مستحَقًّا عليه، وفي الثاني العمل مستَحقٌّ عليه، فيكون مستَحقًّا له وعليه. وهذا فرق صوري لا تأثير له، ولا تتعلَّق بوجوده مفسدة قط، لا جهالة ولا ربا ولا غَرر ولا تنازع، ولا هي مما يمنع صحة العقد بوجه. وأيُّ غَرر أو مفسدة أو مضرَّة للمتعاقدين في أن يدفع إليه غزلَه ينسجُه ثوبًا برُبعه، وزيتونَه [173/ب] يعصره زيتًا برُبعه، وحبَّه يطحنه بربعه، وأمثال ذلك مما هو مصلحة محضة للمتعاقدين، لا تتم مصلحتُهما في كثير من المواضع إلا به؟ فإنه ليس كلُّ أحدٍ (2) يملك عوضًا يستأجر به من يعمل له ذلك، والأجير محتاج إلى جزء من ذلك، والمستأجر محتاج إلى العمل، وقد تراضيا بذلك. ولم يأت من