أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
غيره، وطائفة قاست عليه الخنزير وحده دون الذئب (1) الذي هو مثله أو شرٌّ منه. وقياسُ الخنزير على الذئب أصحُّ من قياسه على الكلب. وطائفة قاست عليه البغل والحمار، وقياسُهما على الخيل ــ التي هي قرينتهما في الذكرِ وامتنانِ الله سبحانه على عباده بما يركبونها (2)، واتخاذِها زينةً، وملامسة الناس لها ــ أصحُّ من قياس البغل على الكلب، فقد علم كلُّ أحد أن الشبه بين البغل والفرس أظهر وأقوى من الشبه بينه وبين الكلب. وقياسُ البغل والحمار على السنَّور لشدَّة ملامستهما والحاجة إليهما وشُربهما من آنية البيت أصحُّ من قياسهما على الكلب.
وقستم الخنافس والزنابير (3) والعقارب والصِّرْدان (4) على الذباب في أنها لا تنجَس بالموت لعدم (5) النفس السائلة لها، وقلة الرطوبات والفضلات التي توجب التنجيس فيها. ونجَّس من نجَّس منكم العظام بالموت مع تعرِّيها من الرطوبات والفضلات جملة، ومعلوم أن النفس السائلة التي في تلك الحيوانات المقيسة أعظم من النفس السائلة التي في العظام.