
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وعثمان (1) ديته (2)، وذهب إليه أحمد وغيره.
فإن قيل: فما تصنعون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله» (3)؟ قيل: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة، ولا منافاة بينه وبين شيء مما ذكرنا. فإنَّ الحدَّ في لسان الشارع أعمُّ منه في اصطلاح الفقهاء، فإنهم يريدون بالحدود عقوبات الجنايات المقدَّرة بالشرع خاصة. والحدُّ في لسان الشارع أعمُّ من ذلك، فإنه يراد [262/ب] به هذه العقوبة تارةً، ويراد به نفس الجناية تارةً، كقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187]، وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]، فالأول حدود الحرام، والثاني حدود الحلال. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حدَّ حدودًا، فلا تعتدُوها» (4). وفي حديث النوَّاس بن سَمعان الذي تقدَّم في أول الكتاب (5): «والسوران حدود الله». ويراد به تارةً جنس العقوبة وإن لم تكن مقدَّرةً. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله» يريد به الجناية التي هي حقٌّ لله.
فإن قيل: فأين تكون العشرة فما دونها إذ كان المراد بالحدِّ الجناية؟