
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
في المسألة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصواب (1).
فإن قيل: فماعزٌ جاء تائبًا والغامديةُ جاءت تائبةً، وأقام عليهما الحد.
قيل: لا ريب أنهما جاءا تائبين، ولا ريب أن الحدَّ أقيم عليهما، وبهذا احتجَّ أصحاب القول الآخر. وسألتُ شيخنا عن ذلك، فأجاب بما مضمونه أنَّ الحدَّ مطهِّر، والتوبة (2) مطهِّرة، وهما اختارا التطهير بالحدِّ على التطهير بمجرد التوبة، وأبَيا إلا أن يطهَّرا بالحدّ. فأجابهما النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وأرشد إلى اختيار التطهير بالتوبة على التطهير بالحدِّ، فقال في حقِّ ماعز: «هلا تركتموه يتوب، فيتوب الله عليه» (3). ولو تعيَّن الحدُّ بعد التوبة لما جاز تركه، بل الإمام مخيَّر بين أن يتركه كما قال لصاحب الحد الذي اعترف به: «اذهَبْ، فقد غفر الله لك» وبين أن يقيمه كما أقامه على ماعز والغامدية لما اختارا إقامته وأبَيَا إلا التطهير به. ولذلك ردَّهما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مرارًا، وهما يأبيان