
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الفطر بها محض القياس. وهذا إنما يتبيَّن [243/ب] بذكر قاعدة، وهي: أن الشارع الحكيم شرع الصوم على أكمل الوجوه وأقومها بالعدل، وأمر فيه بغاية الاعتدال؛ حتى نهى عن الوصال، وأمر بتعجيل الفطر، وتأخير السحور (1)، وجعل أعدل الصيام وأفضله صيام داود (2). فكان من تمام الاعتدال في الصوم أن لا يُدخِل الإنسان ما به قوامه كالطعام والشراب، ولا يُخرِج ما به قوامه كالقيء والاستمناء. وفرَّق بين ما يمكن الاحتراز منه من ذلك وما لا يمكن، فلم يفطر بالاحتلام ولا بالقيء الذارع، كما لا يفطر بغبار الطحين وما يسبق من الماء إلى الجوف عند الوضوء والغسل. وجعل الحيض منافيًا للصوم دون الجنابة، لطول زمنه (3)، وكثرة خروج الدم، وعدم التمكُّن من التطهير قبل وقته بخلاف الجنابة. وفرَّق بين دم الحجامة ودم الجرح، فجعل الحجامةَ من جنس القيء والاستمناء والحيض، وخروجَ الدم من الجرح والرعاف من جنس الاستحاضة والاحتلام وذرع