
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أيضًا. ومعنى الإضافة أنها تكية الخالديين، أي مريدي الشيخ خالد النقشبندي (ت 1242). وقد احتضنت إحدى حجرات التكية مكتبة قيمة تشتمل على موقوفات إبراهيم فصيح الحيدري صاحب «عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد» (1235 - 1299) وغيرها. (انظر دراسة الدكتور عماد عبد السلام رؤوف عن التكية المذكورة في صفحته على الفيس بوك). ولما نقلت بقاياها إلى مكتبة مديرية الأوقاف العامة ببغداد كانت منها هذه النسخة، وهي محفوظة فيها برقم 2805. ونشكر الدكتور ماهر الفحل على تصوير هذه النسخة والنسخ العراقية الأخرى.
بداية النسخة: «بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي. الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا». وهي مخرومة الآخر، وتنتهي بقول المؤلف في المثال السادس والخمسين من ردّ السنن: «عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلِّم». لا سبيل إلى معرفة مقدار هذا النقص، ولكن الغالب أنه لا يكون كبيرا. ونهاية النسخة هذه توافق (2/ 358) من طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، فهي تشتمل على نحو النصف من الكتاب، وكأنها المجلد الأول منه، فإن معظم نسخ الكتاب إما في ثلاث مجلدات أو في مجلدين. ولكن هذه النسخة غريبة التقسيم، فإنها تضمّ ثلاث مجلدات: - المجلد الأول (ق 1 - 97).
- المجلد الثاني (ق 98 - 215/أ).
- المجلد الثالث (ق 215/ب -316).
ومقتضى هذا التقسيم أن يتمّ الكتاب في ستة مجلدات. وقد افتتح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،