أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

5177 3

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

مهمة. ومن أمثلة ذلك مسألة تحريم القول على الله بغير علم، بحثها في (1/ 80 وما بعدها) ثم أعاد ذكرها في (3/ 3) بزيادات وإضافات. ثم كرَّرها مرة أخرى (5/ 34، 35)، وذلك لبيان خطورة القول على الله بلا علم. ومنها: تحريم الإفتاء في دين الله بالرأي المذموم المتضمن لمخالفة النصوص، والرأي الذي لم تشهد له النصوص بالقبول، وساق الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة (1/ 98)، ثم كرَّرها (3/ 171) وأتى بأدلة لم يأتِ بها في الموضع السابق. ومنها مسألة التقليد، بحثها في مواضع متفرقة (1/ 95، 3/ 12 - 170، 5/ 68).
ومن أبرز خصائص أسلوبه: الاستطراد، فكان إذا بحث مسألة استرسل في الكلام حتى يخرج عن موضوعه الأصلي إلى موضوع آخر قد يكون أنفع للناس من المسألة المبحوث عنها، وقد يكون هذا الاستطراد طويلًا حتى يكون مبحثًا قائمًا برأسه. وقد سبق في بناء الكتاب وترتيب مباحثه ذكر نماذج من مثل هذا الاستطراد، فلا نعيدها هنا.
ولا يقتصر المؤلف على الفقه الظاهر المجرد، بل يمزجه بالجانب الروحي، ويذكر أعمال القلوب وأحوالها كمحبة الله وخشيته، ورجاء رحمته ودعائه، والإنابة والاستغفار، والافتقار إليه والانكسار له، وإخلاص الدين له، ويقول: «لو طهُرت منّا القلوب، وصَفَت الأذهان، وزكت النفوس، وخلصت الأعمال، وتجرَّدت الهمم للتلقّي عن الله ورسوله= لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره وحِكَمه ما تضمحل عنده العلوم، وتتلاشى عنده معارف الخلق» (1/ 351). ويُرشِد المفتي إذا استشكلت عليه المسألة إلى اللجوء إلى الله بالافتقار إليه، وحسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه

الصفحة

54/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحباً بك !
مرحبا بك !