أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

7974 3

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

* فصل في سد الذرائع (4/ 3 - 43).
افتتحه بقوله: إن الوسائل في التحريم والتحليل تابعة للغايات. وحرَّر هذه القاعدة بتقسيم الذرائع المؤدية إلى المفاسد إلى أربعة أقسام: وسيلة موضوعة للإفضاء إلى مفسدة. وأخرى موضوعة للمباح قصد بها التوسل إلى المفسدة. وثالثة موضوعة للمباح، ولكنها تفضي إلى المفسدة غالبا، ومفسدتها أرجح من مصلحتها. ورابعة موضوعة للمباح وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح من مفسدتها. فالشريعة جاءت بالمنع من القسم الأول كراهة أو تحريمًا بحسب درجاته في المفسدة، وبإباحة القسم الرابع أو استحبابه أو إيجابه بحسب درجاته في المصلحة. أما القسمان الثاني والثالث، فهما ممنوعان، وأورد في الاستدلال على المنع 99 وجهًا، واقتصر على هذا العدد لموافقته عدد أسماء الله الحسنى. ولما كان تجويز الحيل مناقضًا لسدِّ الذرائع، فإن الشارع يسدّ الطريق إلى المفاسد، والمحتال يفتح الطريق إليه بحيلة، وقد انتشرت الحيل في المجتمع الإسلامي في زمن المؤلف، وتفاقم الأمر= لم يكتف المؤلف بالفصل السابق الذي كلُّ الوجوه المذكورة تدل على تحريم الحيل، بل عقد فصلًا جديدًا للكلام على بطلانها وتحريمها: * الحيل (4/ 44 - 575).
وهو فصل طويل جدًّا، يبلغ حجمه مع فصل سدِّ الذرائع ربع الكتاب. ولا غرو، فإن المؤلف ختم كلامه في الفصل السابق بأن سدّ الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين، وفسره بأن التكليف أمر ونهي، والمأموربه إما مقصود أو وسيلة إلى المقصود. والمنهي عنه إما مفسدة وإما وسيلة إلى المفسدة.

الصفحة

41/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحباً بك !
مرحبا بك !