
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
«المدخل») والمزني (من أول «مختصره») وأبي داود (من «مسائله»)، ونقل نصًّا عن جعفر الفريابي (3/ 39) وهو في «الإحكام» لابن حزم من طريقه.
- فصل في عقد مجلس مناظرة بين مقلد وصاحب حجة: عندما بدأ بالرد على المقلدين استفاد من كتاب «الصادع» لابن حزم دون أن يذكره، كما يظهر ذلك بمقابلة الصفحات (3/ 51 - 62) مع «الصادع» (ص 537 - 549). وجميع الأمثلة التي ذكرها للأخذ بجزء من الحديث ومخالفة الجزء الآخر منه تقليدًا للإمام مأخوذة من كتاب «الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس» لابن حزم، دون أن يشير إلى ذلك. قارن (3/ 63 - 86) بالإعراب (ص 354 - 572).
واستفاد من كتاب «الإحكام» لابن حزم كثيرًا عندما ردَّ على حجج المقلدين، فمن الوجه الخامس والثلاثين إلى الوجه الحادي والستين مأخوذ من «الإحكام» (6/ 61 - 101) بشيء من التهذيب والتغيير والتقديم والتأخير. ونقل في أثنائها من مصادر أخرى أيضًا، فأقوال الإمام أحمد في الإجماع بروايات مختلفة (3/ 120 - 121) لعلها منقولة من «العدة» لأبي يعلى. وقول الإمام الشافعي منقول من كتاب «اختلافه مع مالك» (3/ 121) كما صرَّح بذلك، وقول أبي حاتم الرازي (3/ 121) لعله مأخوذ من «الفقيه والمتفقه» للخطيب. ونقل من «الرسالة القديمة» للشافعي (3/ 141، 142)، وهي الرسالة البغدادية التي نقل منها في أول الكتاب. ونقل في موضع عن أبي عمر (3/ 147) ولعله ابن عبد البر، إلّا أنني لم أجد النصَّ في كتبه المعروفة. وذكر أمثلة من خفاء بعض الأحكام على الخلفاء الراشدين (3/ 155 - 160) ولعله استفاد فيها من «الإحكام» (6/ 89)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،