
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
نقل المصنف منه. وأما الباقون فأجوبتهم مأخوذة من كتبهم على الترتيب: «المحصول»، و «الإحكام في أصول الإحكام»، و «الفصول في الأصول»، و «العدّة».
ثم أفرد كل مسألة من المسائل المذكورة بجواب مفصل. ومن مصادر هذه الفصول: «التحقيق في مسائل الخلاف» لابن الجوزي، نقل منه بعض الأحاديث والآثار وأقوال المحدثين فيها (2/ 384 - 386) دون إشارة. ونقل كلامًا لابن عبد البر (2/ 386 - 387) هو في «الاستذكار» له. وقال في موضع (2/ 368): «قال أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ: هو إجماع من الصحابة». ولفظ النحاس (ص 229): «ولم يصح عن أحد من الصحابة خلافه»، فإما أنه نقل بالمعنى أو بواسطة. ونقل في (2/ 438) من «شرح أحكام عبد الحق الإشبيلي» لابن بزيزة. وقد سبق أن نقله بأطول منه في (2/ 55)، وذكر عنوان الكتاب «مصالح الأحكام في شرح كتاب الأحكام». ونقل في (2/ 449) حديثا من كتاب «الخراج» ليحيى بن آدم، وذكر أن إسناده على شرط مسلم، مع أن الحديث في «صحيح مسلم». وذكر في مبحث الشفعة اختيار شيخ الإسلام، ونصره.
- وعقد فصولًا في الإجابة عن قول القائل: وحرّم بيع مُدّ حنطة بمُدٍّ وحفنة، وجوّز بيعه بقفيز شعير (2/ 474 - 493)، وقال: «فهذا من محاسن شريعته التي لا يهتدي إليها إلا أولو العقول الوافرة. ونحن نشير إلى حكمة ذلك إشارة بحسب عقولنا الضعيفة وعبارتنا القاصرة، وشرعُ الرب تعالى وحكمته فوق عقولنا وعباراتنا، فنقول: ... ». وهذا الجواب مأخوذ من تفسير شيخ الإسلام لآية الربا، وهو منشور في «جامع الرسائل» (8/ 271 - 330)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،