
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
هذا وصلّى الله ما برقٌ بدا ... على النبي الهاشمي أحمدا وآله وصحبه الكرام ... والحمد لله على التمام»
ما بين القوسين مطموس عمدًا، ولم يظهر منه إلا التنوين، ولعل الكلمة الأولى كما قدّرت. أما الكلمة الثانية التي دلّت عليها قافية البيت فلا ريب فيها. والأبيات تدل على أن هذه النسخة تمت كتابتها في العشر الأخير من شهر رجب سنة 1214، ونسخها محمد بن قرشي بأمر الشيخ علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله. والشيخ علي كان أشهر أبناء الشيخ، وبه كان يكنى. وكان عالمًا جليلًا ورعًا. وقد نُقل بعد استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية سنة 1233 فيمن نقل من آل سعود وآل الشيخ إلى مصر، وتوفي هناك سنة 1245. وكان الشيخ علي قد حجّ سنة 1213، وكتبت هذه النسخة له في سنة 1214 (1).
أما الناسخ محمد بن قرشي، فلم أقف على ترجمته، ولكن أبياته تدل على حبِّه للشيخ محمد بن عبد الوهاب وتقديره لجهوده في إصلاح الأمة وإحياء السنة وتجديد معالم الدين.
النسخة خالية من ورقة العنوان بخط الناسخ، وبدايته بعد البسملة ودعاء «ربِّ يسِّر وأعِن يا كريم» بقول المؤلف: «الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا». ونهايته بقول المؤلف بعد الفراغ من شرح كتاب عمر: «فهذا بعض ما يتعلق بكتاب أمير المؤمنين - رضي الله عنه - من الحكم والفوائد، والحمد لله رب العالمين».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،