
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
(1/ 74). وهو من مصادر الفصل التالي (1/ 80 - 92) أيضًا. وقد نبَّه فيه على أن لفظ الكراهة في كلام المتقدمين كثيرًا ما يعني التحريم، وسرد أقوال الإمام أحمد، فنقل قولا له عن «مختصر الخرقي»، والأخرى من «مسائل أحمد» برواية عبد الله وغيره منبهًا علىها ودون تنبيه. ومصدر أقوال أبي حنيفة وصاحبيه: «الجامع الصغير» للشيباني، وقد سماه (1/ 87)، ولعل بعض النقول من «الهداية» للمرغيناني، ولم يشر إليه المؤلف، ولكن ما نقله ورد في «الهداية» بالنص.
* في فصل كلام الأئمة في أدوات الفتيا وشروطها (1/ 93 - 98) اعتمد على كتاب «العدّة» للقاضي أبي يعلى، وقد ذكر القاضي (1/ 95)؛ و «الفقيه والمتفقه» للخطيب، وسماه في (1/ 97).
* فصل تحريم الإفتاء في دين الله بالرأي المتضمن لمخالفة النصوص (1/ 98 - 155) من أهم مصادره فيه: «جامع بيان العلم»، وقد ذكر أبا عمر (1/ 109، 134، 136، 144، 147، 150). وقد وهم في النقل منه في موضع وهمًا عجيبًا، إذ جاء في «الجامع» برقم (2007): «حدثنا أحمد بن عبد الله، نا الحسن بن إسماعيل، نا عبد الملك بن أبجر، نا محمد بن إسماعيل، نا سنيد، نا يحيى بن زكريا، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق عن عبد الله قال: ... »، فأراد ابن القيم أن يختصر السند حسب طريقته، وهي أنه يبدأ الإسناد بذكرعلَمٍ مرموق وغالبًا ما يكون من المصنفين, فتوهم أن محمد بن إسماعيل الراوي عن سنيد هو الإمام البخاري، فقال (1/ 117): «قال البخاري: حدثنا سنيد، ثنا يحيى بن زكريا ... » إلخ! وإنما هو محمد بن إسماعيل الصائغ، كما في مواضع أخرى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،