أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج1

7465 3

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 508

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

بمآخذ المذاهب ومداركها، وقواعدها وأصولها جمعًا وفرقًا» (1).
ومن المسائل الفقهية التي أفاض فيها: طواف الحائض بالبيت، واليمين بالطلاق والشك فيه، والاستثناء في الطلاق، وحكم الطلاق الثلاث، ومسألة التحليل، والحيل وأنواعها. ونلاحظ أنه عند مناقشته لهذه المسائل وغيرها من القضايا التي تحتمل عدة وجوه، لا يرتجل فيها القول ولا يطلق فيها الحكم، ولا يقف عند ظواهرها، بل يغوص في مداركها بنظره الثاقب، فيستخرج جميع الوجوه والاحتمالات، ثم يعطي لكل احتمال حكمه الشرعي. وقد حذَّر المفتي من إطلاق الجواب دون تفصيل، فقال: «ليس للمفتي أن يطلق الجواب في مسألة فيها تفصيل إلّا إذا علم أن السائل إنما سأل عن أحد تلك الأنواع، بل إذا كانت المسألة تحتاج إلى التفصيل استفصله». ثم ذكر شواهد على ذلك من السنة النبوية (5/ 57).
ومما نلاحظه في الكتاب أن المؤلف التزم بالعدل والإنصاف مع خصومه، ولم يكن يتحيّز إلى طائفة أو مذهب معين، وإنما يدور مع الدليل حيثما دار، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما قاله في مبحث القياس بعد أن ذكر أدلة الفريقين المثبتين والنافين: «الآن حمي الوطيس، وحميت أنوف أنصار الله ورسوله لنصر دينه وما بعث به رسوله، وآن لحزب الله أن لا تأخذهم في الله لومة لائم، وأن لا يتحيزوا إلى فئة معينة، وأن ينصروا الله ورسوله بكل قولٍ حق قاله من قاله، ولا يكونوا من الذين يقبلون ما قاله طائفتهم وفريقهم كائنًا من كان، ويردُّون ما قاله منازعوهم وغير طائفتهم كائنًا من كان. فهذه طريقة أهل العصبية وحمية الجاهلية، ولعمر الله إن صاحب هذه الطريقة لمضمون له الذم

الصفحة

48/ 151

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،

الصفحة

3/ 508

مرحباً بك !
مرحبا بك !