
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الناسخ كل مجلد من هذه بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي». وقال في خاتمة المجلد الثاني: «آخر المجلد الثاني من كتاب أعلام الموقعين من (كذا) رب العالمين. ويتلوه في الثالث قوله: وأما قوله: وسوّى بين الرجل والمرأة في العبادات». ولكن لا توجد مثل هذه الخاتمة في المجلد الأول، فقد انتهى بقول المؤلف: «وقال عمر لأبي موسى: الفهم الفهم»، ثم بدأت الورقة التالية بعد البسملة و «به ثقتي» بقول المؤلف: «فصل قالوا: وما يبين فساد القياس وبطلانه ... ».
لا يعرف اسم كاتب النسخة ولا تاريخ كتابتها، ولعل نقص آخرها ذهب بهما، ولكن خطها يدل على أنها من القرن الثامن أو التاسع. وقد ضاعت منها الورقة الأولى التي تحمل عنوان الكتاب واسم مؤلفه. أما الورقة التي حلّت محلّها فهي تتضمن ستة قيود من قيود التملك، وأهمها ما نصُّه: «الحمد لله. هذا الكتاب المسمى باَعلام المُوَقِّعين عن رب العالمين. دخل في ملك الفقير الحقير احمد بن عبد الله بن فدوش (أو فيروش) بن علي الشهير بابن ... عفى (كذا) الله عنهم بمنّه وكرمه. وكان ذلك في حدود سنة 995. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم (كذا مكررًا)». وهنا تنبيهات: - ضبط لفظ «اَعلام» في عنوان الكتاب بفتح أوله.
- شطب بعضهم الهمزة من «احمد»، وزاد ميما في أول الاسم ليقرأ «محمد».
شطب الشين من اسم جدّ الكاتب، وكتب زايًا قبلها ليقرأ «فيروز».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،