
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقد سمى مؤلفه في موضعين (1/ 464، 476). وقد وقع في نقل ابن القيم في موضع تحريف تبعًا لنسخة الكتاب التي اعتمد عليها، فجاء في إسناد حديث: «حدثني أبو هريرة» (1/ 474). وكذا في جميع النسخ ونسخة الإسكوريال من كتاب الأمثال المقروءة على الحافظ ابن حجر كما ذكر محققه، والصواب: حدثني أبو عبد ربه.
- بعد هذا الاستطراد عاد إلى الرد على أصحاب القياس مستدلًّا بالآيات والأحاديث وآثار الصحابة والتابعين، ثم احتج بأن القياس لو كان حجة لما تعارضت الأقيسة، وأن القياس يفضي إلى الفرقة والخلاف، وحجج أخرى (1/ 493 - 2/ 35). من أهم مصادر هذه الفصول: «الإحكام» لابن حزم، و «الفقيه والمتفقه» للخطيب. ومن الآثار التي نقلها منه قول الشعبي: «لأن أتعنى بعنية أحبّ إليَّ من أن أقول في مسألة برأيي»، ثم قال: «قلت: رواه أبو محمد بن قتيبة بالعين المهملة، و «عنية» بوزن «غنية»، ثم فسره ... ». يظهر من عبارته أنه رجع إلى غريب الحديث لابن قتيبة ونقل منه ضبط الكلمة وتفسيرها، وقد يكون ذلك صحيحًا، ولكن التفسير المذكور وارد في كتاب الخطيب نفسه بعد أثر الشعبي.
- ثم عقد فصلا طويلا نقل فيه استدلال نفاة القياس على فساده وبطلانه بتناقض أهله فيه واضطرابهم تأصيلا وتفصيلا (2/ 36 - 108). أما تناقضهم في التأصيل، فاعتمد في بيانه على كتاب «العدة» للقاضي أبي يعلى. ثم قال: «وأما تناقضهم في التفصيل فنذكر منه طرفًا يسيرًا يدل على ما وراءه ... ». وهو يشبه قول ابن حزم في كتاب «الإحكام»: «فصل في ذكر طرف يسير من تناقض أصحاب القياس في القياس» (8/ 48 - 76). ولعل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،