
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
استقلالهم بالاجتهاد أو تقيُّدهم بمذاهب أئمتهم على قولين، فقال: «والحنابلة في أبي حامد والقاضي». كذا أثبت «أبي حامد» كما في الطبعات السابقة، وذكر في الحاشية أن في (ت، ق): «ابن حامد». ولا شك أن هذا هو الصحيح، والذي في المتن تصحيف.
- 5/ 165: ذكر المؤلف أن المفتي إذا سئل عن حكم الله في مسألة من غير أن يقصد السائل مذهب فقيه معيّن، فعليه أن يفتي بما هو الراجح عنده وأقرب إلى الكتاب والسنة. ثم قال: «فإن لم يتمكن منه وخاف أن يؤذَى تركَ الإفتاءَ في تلك المسألة، ولم يكن له أن يفتي بما لا يعلم أنه صواب». ولعل كلمة «يؤذى» جاءت في نسخة بالدال المهملة، فقرأها بعض الناشرين «يؤدّي»، وزاد بعدها «إلى» ليتعدى الفعل إلى ترك الإفتاء، ثم حذف الواو قبل «لم يكن» ليكون جوابًا للشرط. وقد جاء النص سليمًا في النسخة (ق)، ولكن المحقق أثبته في المتن مصحفًا كما في الطبعات السابقة: « ... خاف أن يؤدي إلى ترك الإفتاء في تلك المسألة لم يكن ... »، وأثبت الصواب في الحاشية! - 5/ 165: وفي السياق نفسه ذكر أن الناس لا يُسألون يوم القيامة عن إمام ولا شيخ، بل يسألون في قبورهم ويوم القيامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ويوم القيامة يناديهم {فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}». كذا ورد النص في جميع نسخنا والطبعات السابقة، وقد ضمّن المؤلف كلامه جزءًا من الآية. ولكن الشيخ عبد الرحمن الوكيل حذف «ويوم القيامة يناديهم»، وأثبت نص الآية: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}. ولعل هذا واحد من «الأخطاء القاتلة» التي أشار في مقدمته إلى وقوعها في
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،