
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 508
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أسفل الصفحة ختمٌ نقشُه: «وقف المرحوم إبراهيم فصيح الحيدري على تكية الخالدية»، وهذا الختم وارد في صفحات عديدة من النسخة، انظر مثلا الأوراق (66، 95، 124، 134، 184، 197).
ذكر في فهرس الأوقاف (2/ 101) أن النسخة في 320 ورقة. وقد سقطت ورقة واحدة منها وهي ق 263، فأكملت بخط حديث في ورقتين، وسقطت الورقتان 271 - 272 أيضًا، فاستدركت مادتهما في ورقتين ملحقتين. وصورة النسخة التي بين أيدينا مضطربة الترتيب وتنقصها الورقة 95، ولعلها سقطت في التصوير. أما عدد الأسطر في كل صفحة، فهي في الغالب 23 سطرًا، لكنها في بعض الصفحات بلغت 24، أو 27 سطرًا. وفي صفحة 15 سطرًا فقط. انظر الأوراق (214، 215، 216). ولعل كاتب النسخة لم يكن من النساخ المحترفين، يدل على ذلك الاضطراب في طول الأسطر والمسافة فيما بينها.
وقد عني الناسخ بضبط بعض الألفاظ، ومن أهمها قول المؤلف في أول الكتاب: «إذا أبدى لهم الدليل ناجِذَيْه طاروا إليه زَرافاتٍ ووُحْدانا» (4/ب). وقد تصحفت «ناجذيه» في جميع النسخ المطبوعة إلى «بأُخْذته». وعني كذلك بالإصلاح في نسخته مع التنبيه على ما في أصله المنقول منه. ومن أمثلة ذلك: - أثبت في المتن في ق 85/أ: «لا إلى القياس والآراء»، ونبّه في الحاشية على أن «في الأصل: القياسين».
- في ق 89/أ: «قال نفاة القياس». وذكر في الحاشية أن «في الأصل: قالوا».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ وأعِنْ (1) الحمد لله الذي خلق خَلْقَه أطوارًا، وصرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزّةً واقتدارًا، وأرسل الرسل إلى المكلّفين إعذارًا منه وإنذارًا، فأتمَّ بهم على من اتبع سبيلهم نعمته (2) السابغة، وأقام بهم على من خالف منهاجهم (3) حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجّة، وأوضح المحجّة، وقال: {هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153]، وهؤلاء رسلي {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، فعمَّهم بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا، وخصَّ بالهداية من شاء منهم نعمةً منه (4) وفضلًا.
فقبِل نعمةَ الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقَّاها باليمين، وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]، وردَّها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسًا بين العالمين. فهذا فضله وعطاؤه،