متن نونية ابن القيم

متن نونية ابن القيم

5000 20

الكتاب: متن القصيدة النونية
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت ٧٥١هـ)
الناشر: مكتبة ابن تيمية، القاهرة
الطبعة: الثانية، ١٤١٧هـ
عدد الصفحات: ٣٦٧
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

درجته. هنالك والله يعضُّ الظالم على يديه، إذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه {يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} [الفرقان: 27 - 29]. فصل وكان مِن قدر الله وقضائه أن جمع مجلسُ المذاكرة بين مُثبتٍ للصفات والعلو ومعطّلٍ لذلك، فاستطعم المعطّلُ المثبتَ الحديثَ استطعامَ غيرِ جائعٍ إليه، ولكن غرضه عرض بضاعته عليه، فقال له: ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء؟ فقال المثبت: نقول فيهما ما قال ربنا تبارك وتعالى وما قاله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. نصف الله تعالى بما وصف به نفسَه وبما وصفه به رسولُه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل. بل نثبت له سبحانه وتعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وننفي عنه النقائص ومشابهة المخلوقات، إثباتًا بلا تمثيل وتنزيهًا بلا تعطيل. فمن شبه الله تعالى بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسَه أو وصفه به رسولُه تشبيهًا. فالمشبّه يعبد صنمًا، والمعطّل يعبد عدمًا، والموحّد يعبد إلهًا واحدًا صمدًا، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. والكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما أنا نثبت ذاتًا لا تشبه الذوات، فكذا نقول في صفاته إنّها لا تشبه الصفات. فليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. فلا نشبّه صفاتِ الله بصفات المخلوقين. ولا نزيل عنه سبحانه صفةً من صفاته لأجل شناعة المشنِّعين، وتلقيب المفترين. كما أنّا لا نبغض أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لتسمية الروافض لنا نواصب، ولا نكذّب بقدر الله تعالى ونجحد كمال مشيئته وقدرته لتسمية

الصفحة

12/ 307

مرحباً بك !
مرحبا بك !