
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قالوا: فالشارع قد نهى الصائم عن أخذ ما يُقِيته (1)، وعن إخراج ما يُضعفه، وكلاهما مقصود له؛ لأن الشارع أمر بالاقتصاد في العبادات، ولا سيما في الصوم، ولهذا أمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور، فله قصدٌ في حفظ قوة الصائم عليه كما له قصدٌ في منعه من إدخال المفطّرات. وشاهده الفطر بالقيء والحيض والاستمناء، فالحجامة كذلك أو أولى، وليس معنا في القيء ما يماثل أحاديث الحجامة، فكيف يفطر به دون الحجامة، مع أن الفطر بها أولى منه نصًّا وقياسًا واعتبارًا.
قالوا: ولهذا سوّى (2) بين الغالب منهما والمُستَدْعَى، فلا يُفطِر إذا ذرعه القيء، كما لا يفطر بالرُّعاف وخروج الدم من الدمل والجرح؛ وكما يفطر بالاستقاء عمدًا، كذلك يفطر بإخراج الدم عمدًا بالحجامة.
قالوا: وشاهده أن دم الحيض لمّا كان يجري في وقت وينقطع في وقت جعل الشارع صومها في وقت الطهر مغنيًا عن صومها وقت الدم، ولمّا كان دم الاستحاضة لا ضابط له، ولعله أن يستمر، جوَّز لها الصوم مع جرَيانه، كصاحب الرعاف ونحوه. فليس القياس إلا مع النصوص، يدور معها حيث دارت.
وأما قياسكم ذلك على الفِصاد ونحوه، فنقول: القائلون بأن الحجامة تفطِّر لهم فيها أربعة أقوال:
أحدها: أن المحتجم يُفْطِر وحده دون الحاجم، وهذا ظاهر كلام