[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
في الحجامة بعدُ؟ وفي قوله: نهى عن الحجامة ولم يحرّمها؟
السابع: أنه كيف يتفق بضعةَ عشر صحابيًّا على رواية أحاديثَ كلُّها متفقة بلفظ واحد، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر الحجامة فيها ولا تأثير لها في الفطر، وكلهم يقول: «أفطر الحاجم والمحجوم»؟!
الثامن: أنه كيف يجوز للصحابة أن يُفتوا بذلك، [ق 121] ويقولوا: أفطر الحاجم والمحجوم؟ أفترى استمر التعريف بذلك دائمًا؟! ودَفْع الأحاديث متى وصل إلى هذا الحد ساء وقبُح جدًّا!
التاسع: أنّا نقول: نعم، وهو للتعريف بلا شك، فإن أحكام الشارع إنما تُعرَّف بالأوصاف وتُرْبَط بها، وتعمّ الأمة لأجلها، فالوصف في الحديث المذكور لتعريف حكمه، وأنه مرتبط بهذا الوصفِ منوط به.
العاشر: أن صاحب القصة التي جرت له قال: مر عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أحتجم، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فلو كان فطره بغير ذلك لبينه له الشارعُ لحاجته إليه، ولم يَخْفَ على الصحابي ذلك، ولم يكن لذكره الحجامةَ معنًى. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فكيف يترك الشارع بيان الوصف المفطِّر فلا يبينه للمكلَّف، ويذكر له وصفًا لا يفطّر بحال؟!
وأما قولهم: إن الفطر بالغيبة، فهذا باطل من وجوه:
أحدها: أن ذلك لا يثبت، وإنما جاء في حديث واحد من تلك الأحاديث: «وهما يغتابان الناس» (1)، مع أنها زيادة باطلة.