
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأما السلف والبيع، فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة، ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة، فقد جعل هذا البيع ذريعةً إلى الزيادة في القرض الذي موجَبه رد المثل، ولولا هذا البيع لما أقرضه، ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك. فظهر سرُّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع»، وقولِ ابن عمر: «نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع»، واقترانِ إحدى الجملتين بالأخرى لمّا كانا سُلَّمًا إلى الربا.
ومن نظر في الواقع وأحاط به علمًا فهم مرادَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كلامه، ونزّله عليه. وعلم أنه كلامُ من جُمِعت له الحكمة، وأوتي جوامع الكلم، فصلوات الله وسلامه عليه، وجزاه أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته. وقد قال بعض السلف: اطلبوا الكنوز تحت كلمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولما كان موجب عقد القرض رد المثل من غير زيادة كانت الزيادة ربا. قال ابن المنذر (1): أجمعوا على أن المُسْلِف إذا شرط على المستسلف زيادةً أو هديةً فأسلف على ذلك= أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن ابن مسعود وأبيّ بن كعب وابن عباس أنهم نَهَوا عن قرضٍ جرَّ منفعة (2).
وكذلك إن شرط أن يُؤَجِّره داره أو يبيعه شيئًا لم يَجُزْ، لأنه سُلَّم إلى الربا، ولهذا نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولهذا منع السلف - رضي الله عنهم - من قَبول هدية المقترض إلا أن يحتسبها