
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
النهي إنما كان احترامًا لسُكّانها أن يُوطأ بالنعال فوق رؤوسهم. ولهذا يُنهى عن التغوط بين القبور. وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الجلوس على الجمر حتى تُحرِق الثياب خير من الجلوس على القبر (1)، ومعلوم: أن هذا أخف من المشي بين القبور بالنعال.
وبالجملة، فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا، فإن القبر قد صار داره. وقد تقدم (2) قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كسرُ عظمِ الميت ككسره حيًّا»، فدل على أن احترامه في قبره كاحترامه في داره.
والقبور هي ديار الموتى ومنازلهم ومحل تزاوُرِهم، وعليها تنزل الرحمة من ربهم والفضل على محسنهم، فهي منازل المرحومين ومَهبِط الرحمة، ويَلقَى بعضُهم بعضًا على أفنية قبورهم، يتجالسون ويتزاورون، كما تضافرت به الآثار. ومن تأمل «كتاب القبور» لابن أبي الدنيا رأى فيه آثارًا كثيرة في ذلك.
فكيف يُستبعَد أن يكون من محاسن الشريعة إكرامُ هذه المنازل عن وطئها بالنعال واحترامها؟ بل هذا من تمام محاسنها، وشاهده ما ذكرناه من وطئها، والجلوس عليها والاتكاء عليها.
وأما تضعيف حديث بشير، فممّا لم نعلم أحدًا طعن فيه، بل قد قال الإمام أحمد: إسناده جيد. وقال عبد الرحمن بن مهدي: كان عبد الله بن