
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الآية، كما لم يدخل فيها أكلُ الوالد مالَ ولده.
وأيضًا: فالآية إنما تدل على تحريم الأكل بالباطل الذي لم يأذن فيه الشارع ولا المالك، فإذا وُجد الإذن الشرعي أو الإذن من المالك لم يكن باطلًا. ومعلوم أن إذن الشرع أقوى من إذن المالك، فما أذِن فيه الشرعُ أَحَلُّ مما أذن فيه المالك، ولهذا كانت الغنائم من أحل المكاسب وأطيبها (1)، ومالُ الولد بالنسبة إلى الأب من أطيب المكاسب، وإن لم يأذن الولد (2).
وأيضًا: فإنه من المستحيل أن يأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما حرَّمه الله ومنع منه، فعُلم أن الآية لا تتناول محل النزاع أصلًا.
وبهذا خرج الجواب عن الدليل الثاني، وهو كونه مالَ يتيمٍ، مع أن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء:10] يدل على أنه إنما يستحق الوعيد مَن أكلها أكلًا غيرَ مأذونٍ فيه شرعًا، فأما ما أذن فيه الشارع منها فلا يتناوله الوعيد. ولهذا كان للفقير أن يأكل منها أقل الأمرين مِن حاجته أو قَدْرِ عمله، لمَّا لم يكن ذلك ظلمًا لإذن الشارع فيه.
وهذا هو بعينه الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن دماءكم وأموالكم عليكم