
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
وأما الثاني وهو الشر الحاصل بعد تكوّنه وإيجاده، فهو نوعان أيضًا:
أحدهما: أن يقطع عنه الإمداد الذي به كماله بعد وجوده، كما يقطع عن النبات إمداده بالسقي، وعن الحيوان إمداده بالغذاء، فهذا شر مضاف إلى العدم أيضًا، وهو عدم ما يكمل به.
الثاني: حصول مضادٍّ منافٍ، وهو نوعان:
أحدهما: قيام مانع في المحل يمنع تأثير الأسباب الصالحة فيه، كما تقوم بالبدن أخلاط رديّة تمنع تأثير الغذاء فيه وانتفاعه به، وكما تقوم بالقلب إرادات واعتقادات فاسدة تمنع انتفاعه بالهدى والعلم، فهذا الشر وإن كان وجوديًا، وأسبابه وجودية فهو أيضًا من عدم القوة أو الإرادة التي يدفع بها ذلك المانع، فلو وُجِدت قوة وإرادة تدفعه لم يتأثر المحل به.
مثال ذلك: أن غلبة الأخلاط واستيلاءها من عدم القوة المنضجة لها، أو القوة الدافعة لما (1) يحتاج إلى خروج، وكذلك استيلاء الإرادات الفاسدة هو لضعف قوة العفة والشجاعة والصبر، واستيلاء الاعتقادات الباطلة لعدم العلم المطابق لمعلومه.
فكل شر ونقص فإنما حصل بعدم سبب ضده، وعدم سبب ضده ليس فاعلًا له، بل يكفي فيه بقاؤه على العدم الأصلي.
الثاني: مانع من خارج، كالبرد الشديد والحريق والغرق ونحو ذلك مما