
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إضافته ونسبته إليه، والفعل والخلق مضاف إليه؛ فكان خيرًا.
والذي يشاؤه كله خير، والذي لم يشأ وجوده بقي على العدم الأصلي وهو الشر، فإن الشرّ كله عدم، فإن سببه جهل وهو عدم العلم، أو ظلم وهو عدم العدل، وما ترتب على ذلك من الآلام فهو من عدم استعداد المحل، وقبوله لأسباب الخيرات واللذات.
فإن قلت: كثير من الناس يطلق القول بأن الخير كله من الوجود ولوازمه، والشر كله من العدم ولوازمه، والوجود خير، والشر المحض لا يكون إلا عدمًا.
قلت: هذا اللفظ فيه إجمال، فإن أريد به أنّ كل ما خلقه الله وأوجده ففيه الخير، ووجوده خير من عدمه، وما لم يخلقه ولم يشأه فهو المعدوم الباقي على عدمه، وهو لا خير فيه، إذ لو كان فيه خير لفعله، فإنه سبحانه بيده الخير= فهذا صحيح، فالشر العدمي هو عدم الخير.
وإن أريد أن كل ما يلزم الوجود فهو خير، وكل ما يلزم العدم فهو شر= فليس بصحيح؛ فإن الوجود قد يلزمه شر مرجوح، والعدم قد يلزمه خير راجح.
مثال الأول: النار والمطر، والحر والبرد والثلج، ووجود الحيوانات، فإن هذا موجود ويلزمه شر جزئي مغمور بالنسبة إلى ما في وجود ذلك من الخير.
وكذلك (1) المأمور به قد يلزمه من الألم والمشقة ما هو شر جزئي