شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

3952 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وتحقيق ذلك: أن الله سبحانه بعدله وحكمته أعطى العبد قدرة وإرادة يتمكن بها من جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، فأعانه بأسباب ظاهرة وباطنة، ومن جملة تلك الأسباب: القدرة والإرادة، وعَرَّفه طريق الخير والشر، ونَهَجَ له الطريق، وأعانه بإرسال رسله، وإنزال كتبه، وقرن به ملائكته، وأزال عنه كل علة يحتج بها عليه. ثم فطرهم سبحانه على إرادة ما ينفعهم، وكراهة ما يؤذيهم ويضرهم، كما فطر على ذلك الحيوان البهيم. ثم كان كثير مما ينفعهم لا علم لهم به على التفصيل، والذي يعلمونه من المنافع أمر مشترك بينهم وبين الحيوانات. وثَمّ أمور عظيمة هي أنفع شيء لهم، لا صلاح لهم ولا فلاح ولا سعادة إلا بمعرفتها وطلبها وفعلها، ولا سبيل لهم إلى ذلك إلا بوحي منه وتعريف خاص، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، تعرّفهم ما هو الأنفع لهم، وما فيه سعادتهم وفلاحهم، فصادفتهم الرسل مشتغلين بأضدادها، قد ألفوها وساكنوها، وجرت عليها عوائدهم حتى ألفتها الطباع، فأخبرتهم الرسل أنها أضر شيء عليهم، وأنها من أعظم أسباب ألمهم، وفوات لذتهم وسرورهم. فنهضت الإرادة طالبة للسعادة والفلاح؛ إذ الدعوة إلى ذلك محركة للقلوب والأسماع والأبصار إلى الاستجابة. فقام داعي الطبع والإلف والعادة في وجه ذلك الداعي معارضًا له، يَعِدُ النفس ويمنّيها ويرغّبها ويرهّبها، ويزيّن لها ما ألفته واعتادته لكونه ملائمًا لها، وهو نقد عاجل، وراحة مؤثرة، ولذة مطلوبة، ولهو ولعب وزينة وتفاخر وتكاثر.

الصفحة

76/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !