
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وحقيقة الأمر أن التزيين إنما يغترّ به الجاهل؛ لأنه يُلْبِسُ له الباطلَ والضارَّ المؤذي صورةَ الحق والنافعَ الملائم. فأصل البلاء كله من الجهل وعدم العلم، ولهذا قال الصحابة: «كل مَن عصى الله فهو جاهل». قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17]، وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ إِنَّهُ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّهُ فَأَنَّهُ غَفُورٌ} [الأنعام: 54]. قال أبو العالية: سألت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} فقالوا: «كل من عصى الله فهو جاهل، ومن تاب قبل الموت فقد تاب من قريب». وقال قتادة: «أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن كل ما عُصي الله به فهو جهالة، عمدًا كان أو لم يكن، وكل مَن عصى الله فهو جاهل». وقال مجاهد: «من عمل ذنبًا من شيخ أو شاب فهو بجهالة». وقال: «من عصى ربه فهو جاهل، حتى ينزع عن معصيته». وقال هو وعطاء: «الجهالة العمد». وقال مجاهد: «من عمل سوءًا خطأ أو عمدًا فهو جاهل حتى ينزع منه». ذكر هذه الآثار ابن أبي حاتم. قال: «وروي عن قتادة وعمرو بن مرة والثوري نحو ذلك: خطأ أو عمدًا».