
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51].
وهذا هو الذي فطر الله عليه خلقه، وهو محبوب لكل أحد، مستقر سنته (1) في كل فطرة، فإنه يتضمن التوحيد وإخلاص القصد والحب لله وحده، وعبادته وحده بما يحب أن يُعبد به، والأمر بالمعروف الذي تحبّه القلوب، والنهي عن المنكر الذي تبغضه وتنفر منه، وتحليل الطيبات النافعة، وتحريم الخبائث الضارة.
فصل (2)
وهذا [الذي] (3) أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن كل مولود يولد على الفطرة الحنيفية هو الذي تقوم الأدلة العقلية على صحته، وأنه كما أخبر به الصادق المصدوق، ومن خالف ذلك فقد غلط، وبيان ذلك من وجوه:
أحدها: أن الإنسان قد يحصل له من الاعتقادات والإرادات ما يكون حقًّا، وقد يحصل له منها ما يكون باطلًا؛ إذ اعتقاداته قد تكون مطابقة لمعتقَدها وهي الحق، والخبر عنها يُسمّى صدقًا، وقد تكون غير مطابقة وهي الباطل، والخبر عنها يُسمّى كذبًا.
والإرادات تنقسم إلى ما تكون نافعة له، متضمّنة لمصلحته، ومرادها هو الخير والحُسْن، وإلى ما هو ضارّة له، مخالفة لمصلحته، ومرادها هو الشر والقبيح.