
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
خارج، بل هو جِبلّي فطري، فإذا كانت المحبة جِبلّية فطرية فشَرْطها ــ وهو المعرفة ــ أيضًا جِبلّي فطري، فلا بُدَّ أن يكون في الفطرة محبة الخالق مع الإقرار به.
وهذا أصل الحنيفية التي خلق الله خلقه عليها، وفطرته [التي] (1) فطرهم عليها.
فعُلم أن الحنيفية من موجِبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله والخضوع له والإخلاص هو أصل أعمال الحنيفية، وذلك مستلزم للإقرار والمعرفة، ولازم اللازم لازم، وملزوم الملزوم ملزوم، فالفطرة ملزومة لهذه الأحوال، وهذه الأحوال لازمة لها.
فصل (2)
فقد تبين دلالة الكتاب والسنة والآثار واتفاق السلف على أنّ الخلق مفطورون على دين الله، الذي هو معرفته والإقرار به ومحبته والخضوع له، وأن ذلك موجِب فطرتهم ومقتضاها، يجب حصوله فيها إن لم يحصل ما يعارضه، ويقتضي حصول ضده، وأن حصول ذلك فيها لا يقف على وجود شرط، بل على انتفاء المانع، فإذا لم يوجد فهو لوجود منافيه لا لعدم مقتضيه.
ولهذا لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجود الفطرة شرطًا، بل ذكر ما يمنع موجِبها، حيث قال: «فأبواه يُهَوِّدانه ويُنَصِّرانه ويُمَجِّسانه»، فحصول هذا التهويد