
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإن لم يكن التكليف قبل البلوغ بالشرائع واقعًا؛ فلا يمتنع وقوعه بالتوحيد ومعرفة الله، كما قاله طوائف من أهل الكلام والفقه من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم.
وعلى هذا فيمكن أن يكون مكلّفًا بالإيمان قبل البلوغ، وإن لم يكن مكلّفًا بشرائعه، وكُفْر الصبي المميِّز [صحيح] (1) عند أكثر العلماء، فإذا ارتدّ صار مرتدًّا، لكن لا يُقتَل حتى يبلغ.
فالغلام الذي قتله الخضر: إما أن يكون كافرًا بعد البلوغ؛ فلا إشكال، وإما أن يكون غير بالغ وهو مكلف في تلك الشريعة؛ فلا إشكال أيضًا، وإما أن يكون مكلفًا بالتوحيد والمعرفة غير مكلف بالشرائع؛ فيجوز قتله في تلك الشريعة، وإما أن لا يكون مكلفًا [أصلًا] (2)؛ فقُتِل لئلا يفتن أبويه عن دينهما، كما يُقتل الصبي الكافر في ديننا إذا لم يندفع ضرره عن المسلمين إلا بالقتل، [بل الصبي الذي يقاتل المسلمين يقتل، فقتل الصبي الكافر يجوز لدفع صياله الذي لا يندفع إلا بالقتل] (3).
وأما قتلُ صبي لم يكفر بعد، بين أبوين مؤمنين؛ للعلم بأنه إذا بلغ كفَرَ وفَتَن أبويه؛ فقد يُقال: ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل عليه.
وأيضًا فإن الله لم يأمر أن يُعاقَب أحدٌ بما يُعلم أنه يكون منه قبل أن يكون منه، ولا هو سبحانه يُعاقِب العباد على ما يَعلم أنهم سيفعلونه حتى يفعلوه.