
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسئل حماد بن سلمة، عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة»، فقال: هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم (1).
قال ابن قتيبة: يريد حين مسح ظهر آدم، فاستخرج منه ذريته إلى يوم القيامة أمثال الذر، وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] (2).
قال شيخنا (3): أصلُ مقصودِ الأئمة صحيح، وهو منع احتجاج القدرية بهذا الحديث على نفي القدر، لكن لا يُحتاج مع ذلك أن يُفسَّر القرآن والحديث إلا بما هو مراد الله ورسوله، ويجب أن يُتّبع في ذلك ما دلّ عليه الدليل.
وما ذكروه أنّ الله فطرهم على الكفر والإيمان والمعرفة والنَّكَرة إن أرادوا به أنّ الله سبق علمُهُ وقدرُهُ بأنهم سيؤمنون ويكفرون ويعرفون وينكرون، وأن ذلك كان بمشيئة الله وقدره وخلقه= فهذا حقٌّ تردّه القدرية، فغلاتُهم ينكرون العلم، وجميعهم ينكرون عموم خلقه ومشيئته وقدرته.
وإن أرادوا أن هذه المعرفة والنَّكَرة كانت موجودة حين أخذ الميثاق كما في ظاهر المنقول عن إسحاق= فهذا يتضمن شيئين:
أحدهما: أنهم حينئذ كانت المعرفة والإيمان موجودًا فيهم، كما قال ذلك طوائف من السلف، وهو الذي حكى إسحاق الإجماع عليه.