
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقوله: «فأبواه يُهَوِّدانه» بَيّن فيه أنهم يغيّرون الفطرة التي فُطِر عليها.
وأيضًا: فإنه شبّه ذلك بالبهيمة التي تولَد مُجْتَمعة الخَلْق لا نقص فيها، ثم تُجْدَع بعد ذلك، فعُلِم أنّ التغيير وارد على الفطرة السليمة التي وُلِد العبد عليها.
وأيضًا: فإن الحديث مطابق للقرآن، كقوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، وهذا يعم جميع الناس، فعُلِم أنّ الله سبحانه فطر الناس كلهم على فطرته المذكورة.
وأيضًا: فإنه أضاف الفطرة إليه إضافة مدح لا إضافة ذم، فعُلِم أنها فطرة محمودة لا مذمومة، كدين الله وبيته وناقته.
وأيضًا: فإنه قال: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، وهذا نَصْبٌ على المصدر الذي دلّ عليه الفعل الأول عند سيبويه وأصحابه، فدلَّ على أن إقامة الوجه لله (1) حنيفًا هو فطرة الله التي فطر الناس عليها.
وأيضًا: فإن هذا تفسير السلف كما تقدم.
قال ابن جرير (2): يقول: فسدِّد وجهك نحو الوجه الذي وجّهك الله يا محمد لطاعته ــ وهي الدين ــ، {حَنِيفًا} يقول: مستقيمًا لدينه وطاعته، {فِطْرَتَ اللَّهِ} يقول: صنعة الله التي خَلَق الناس عليها، ونَصْبُ {فِطْرَتَ}