
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إحداهما: الإقرار بمعرفة الله تعالى، وهو العهد الذي أخذه الله عليهم في أصلاب آبائهم، حين مسح ظهر آدم فأخرج (1) من ذرّيته إلى يوم القيامة أمثال الذر، وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172].
فليس أحد إلا وهو مقرٌّ بأن له صانعًا ومدبّرًا، وإن سمَّاه بغير اسمه، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87]، فكل مولود يولد على ذلك الإقرار الأول.
قال (2): وليس الفطرة هنا الإسلام لوجهين:
أحدهما: أنّ معنى الفطرة ابتداء الخلقة، ومنه قوله تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الشورى: 11]، أي: مبتدئهما. وإذا كانت الفطرة هي الابتداء وجب أن تكون تلك هي التي وقعت لأول الخليقة، وجرت في فطرة المعقول (3)، وهو استخراجهم ذرية؛ لأن تلك حالة ابتدائهم.
ولأنها لو كانت الفطرة هنا الإسلام؛ لوجب إذا وُلِد بين أبوين كافرين أن لايرثهما ولا يرثانه ما دام طفلًا؛ لأنه مسلم، واختلاف الدين يمنع الإرث، ولوجب أن لا يصحّ استرقاقه، ولا يُحْكَم بإسلامه بإسلام أبيه؛ لأنه مسلم.