
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فهذه كلماته الكونية التي يخلق بها ويكوِّن، ولو كانت الكلمات الدينية التي يأمر بها وينهى لكانت مما يجاوزهنّ الفجّار والكفّار.
وأما الدينية فكقوله: {رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ} [التوبة: 6]، والمراد به القرآن، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في النساء: «واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» (1) أي: بإباحته ودينه، وهي قوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].
وقد اجتمع النوعان في قوله: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: 12]، فكتبه كلماته التي يأمر بها وينهى، ويحلّ ويحرم، وكلماته التي يخلق بها ويُكوِّن، فأخبر أنها ليست جَهْمية تنكر كلمات دينه وكلمات تكوينه، وتجعلها خلقًا من جملة مخلوقاته.
فصل
وأما البعث الكوني فكقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الإسراء: 5]، وقوله: {(30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي} [المائدة: 31].
وأما البعث الديني فكقوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2]، وقوله: {اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ} [البقرة: 213].