
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الثاني: أنّ ذلك يستلزم إضمارين: أحدهما: أمرناهم بطاعتنا. الثاني: فخالفونا أو عصونا ونحو ذلك. الثالث: أنّ ما بعد الفاء في مثل هذا التركيب هو المأمور به نفسه، كقولك: أَمَرْتُهُ ففعل، وأَمَرْتُهُ فقام، وأَمَرْتُهُ فركب، لا يفهم المخاطَب غير هذا. الرابع: أنه سبحانه جعل سبب هلاك القرية أَمْرَه المذكور، ومن المعلوم أنّ أمره بالطاعة والتوحيد لا يصلح أن يكون سببًا للهلاك، بل هو سبب النجاة والفوز. فإن قيل: أَمْره بالطاعة مع الفسق هو سبب الهلاك. قيل: هذا يبطل بالوجه الخامس: وهو أنّ هذا الأمر لا يختص بالمترفين، بل هو سبحانه يأمر بطاعته واتباع رسله المترفين وغيرَهم، فلا يصح تخصيص الأمر بالطاعة بالمترفين. يوضحه الوجه السادس: أنّ الأمر لو كان بالطاعة لكان هو نفس إرسال رسله إليهم، ومعلوم أنه لا يحسن أن يقال: أرسلنا رسلنا إلى مترفيها ففسقوا فيها؛ فإن الإرسال لو كان إلى المترفين لقال من عداهم: نحن لم يُرْسَل إلينا. السابع: أنّ إرادة الله سبحانه لإهلاك القرية إنما تكون بعد إرسال الرسل إليهم وتكذيبهم، وإلا فقبل ذلك هو لا يريد إهلاكهم؛ لأنهم معذورون بغفلتهم وعدم بلوغ الرسالة إليهم، قال تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ