
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأنها قائمة به غير مخلوقة؛ إذ لا يُستعاذ بالمخلوق، وبهذا احتج الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة على أن كلمات الله غير مخلوقة (1)، وهو احتجاج صحيح؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستعيذ بمخلوق، ولا يستغيث به، ولا يدلّ أمته على ذلك.
ومنها: أن العفو من صفات الفعل القائمة به، وفيه ردٌّ على من زعم أن فعله عين مفعوله؛ فإن المفعول مخلوق ولا يُستعاذ به.
ومنها: أن بعض صفاته وأفعاله سبحانه أفضل من بعض؛ فإن المُستعاذ به منها أفضل من المُستعاذ منه، وهذا كما أن صفة الرحمة أفضل من صفة الغضب، ولذلك كان لها الغلبة والسبق.
وكذلك كلامه سبحانه هو صفته، ومعلوم أن كلامه الذي يُثْنِي به على نفسه، ويَذْكُر فيه أوصافه وتوحيده؛ أفضلُ من كلامه الذي يذم به أعداءه، ويذكر أوصافهم.
ولهذا كانت سورة «الإخلاص» أفضل من سورة «تبت»، وكانت تعدل ثلث القرآن دونها، وكانت آية الكرسي أعظم (2) آية في القرآن.
ولا تُصغِ إلى قول من غَلُظ حجابُه: إن الصفات قديمة، والقديم لا يتفاضل؛ فإن الأدلة السمعية والعقلية تبطل قوله.
وقد جعل سبحانه ما كان من الفضل والعطاء والخير وأهل السعادة بيده اليمنى، وما كان من العدل والقبض باليد الأخرى، ولهذا جعل أهل السعادة