
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولما رأى غيرهم بطلان هذه التأويلات قال: لا يدل ذِكْر الأحقاب على النهاية؛ فإنها غير مقدّرة بالعدد، فإنه لم يقل: عشرة، ولا مائة، ولو قُدِّرت بالعدد لم يدل على النهاية إلا بالمفهوم، فكيف إذا لم تُقَدّر؟
قالوا: ومعنى الآية: أنه كلما مضى حُقْب تبعه حُقْب لا إلى نهاية.
وهذا الذي قالوه لا تدل الآية عليه بوجه.
وقولهم: «إن الأحقاب فيها غير مُقَدّرة»، فيقال: لو أريد بالآية بيان عدم انتهاء مدة العذاب لم تُقَيّد بالأحقاب؛ فإنّ ما لا نهاية له لا يقال: هو باقٍ أحقابًا ودهورًا وأعصارًا ونحو ذلك، ولهذا لا يقال ذلك في نعيم أهل الجنة، ولا يقال للأبدي الذي لا يزول: هو باقٍ أحقابًا أو آلافًا من السنين.
فالصحابة أفهمُ الأمة لمعاني القرآن، وقد فَهِم منها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خلاف فَهْم هؤلاء، كما فَهِم ابن عباس من آية الاستثناء خلاف فَهْم أولئك، وفَهْم الصحابة في القرآن هو الغاية التي عليها المُعَوَّل.
وقد قال ابن مسعود: «ليأتينّ على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابًا» (1).
وقال ابن جرير: حُدِّثتُ عن المُسيّب، عمن ذكره، عن ابن عباس: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] قال: أمر الله النار أن تأكلهم.