شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

2158 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الممتحَنين من أعدائهم ومكذّبيهم، وما صاروا إليه (1).

فافتتح السورة بالإنكار على مَنْ يحسب أنه يتخلّص من الامتحان والفتنة في هذه الدار إذا ادعى الإيمان، وأن حكمته سبحانه ومشيئته في خلقه تأبى ذلك، وأخبر عن سر هذه الفتنة والمحنة وهو تبيّن الصادق من الكاذب، والمؤمن من الكافر، وهو سبحانه كان يعلم ذلك قبل وقوعه، ولكن اقتضى عدله وحمده أنه لا يجزي العبادَ بمجرد علمه فيهم، بل بمعلومه إذا وُجِد وتحقَّق، والفتنة هي التي أظهرته وأخرجته إلى الوجود، فحينئذ حَسُن وقوع الجزاء عليه.

ثم أنكر سبحانه على من لم يلتزم الإيمان به ومتابعة رسله ــ خوف الفتنة والمحنة التي يمتحن بها رسله وأتباعهم ــ ظنَّه وحسبانَه أنه بإعراضه عن الإيمان به وتصديق رسله يتخلّص من الفتنة والمحنة؛ فإن بين يديه من الفتنة والمحنة والعذاب أعظم وأشق مما فرّ منه.

فإن المكلفين بعد إرسال الرسل إليهم بين أمرين: إما أن يقول أحدهم: آمنت، وإما أن لا يقول، بل يستمر على السيئات.

فمن قال: آمنّا؛ امتحنه الرب تعالى وابتلاه؛ ليتحقق بالامتحان صحةُ إيمانه (2) وثباتُهُ عليه، وأنه ليس بإيمان عافية ورخاء فقط، بل إيمانٌ ثابتٌ في حالتي النعماء والبلاء.

ومن لم يؤمن فلا يحسب أنه يُعْجِز ربَّه تعالى ويفوته، بل هو في قبضته،

الصفحة

269/ 468

مرحبًا بك !
مرحبا بك !