
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وهذا دليل مستقل لمن عرف الله تعالى وأسماءه وصفاته على وقوع المعاد، وصِدْق الرسل فيما أخبروا به عن الله منه، فيتطابق دليل العقل ودليل السمع على وقوعه.
الوجه الحادي والثلاثون: أن الله سبحانه يحب أن يُعبد بأنواع التعبدات كلّها، ولا يليق ذلك إلا بعظمته وجلاله، ولا يحسن ولا ينبغي إلّا له وحده.
ومن المعلوم أن أنواع التعبّد الحاصلة في دار الابتلاء والامتحان لا تكون في دار المجازاة، وإن كان في هذه الدار بعض المجازاة، فكمالها وتمامها إنما هو في تلك الدار، وليست دار عمل، وإنما هي دار جزاء وثواب، أوجب كمالُهُ المقدس أن يجزي فيها الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
فلم يكن بُدّ من دار تقع فيها الإساءة والإحسان، ويجري على أهلها فيها أحكام الأسماء والصفات، ثم تعقبها دار يجازي فيها المحسن والمسيء، ويجري على أهلها فيها أحكام الأسماء والصفات.
فتعطيل أسمائه وصفاته ممتنع مستحيل، وهو تعطيل لربوبيته وإلهيته وملكه وعزه وحكمته.
فمن فُتِح له باب من الفقه في أحكام الأسماء والصفات، وعلم اقتضاءها (1) لآثارها ومتعلقاتها، واستحالة تعطيلها؛ علم أن الأمر كما أخبرت به الرسل، وأنه لا يجوز عليه سبحانه، ولا ينبغي له غيره، وأنه يُنزَّه عن خلاف ذلك، كما يُنزَّه عن سائر العيوب والنقائص.