
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ (1)} [الروم: 22].
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً (2) لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 10 - 11].
وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: 45].
فتأمّل كيف نبّه سبحانه باختلاف الحيوانات في آلة المشي مع اشتراكها في المادة على الاختلاف فيما وراء ذلك من أعضائها وأشكالها وقواها وأفعالها وأغذيتها ومساكنها، فنبّه على الاشتراك والاختلاف، فنشير إلى يسير منه.
فالطير كلها تشترك في الريش والجناح، وتتفاوت فيما وراء ذلك أعظم تفاوت، واشتراك ذوات الحوافر في الحافر كالفرس والحمار والبغل، وتفاوتها فيما وراء ذلك، واشتراك ذوات الأظلاف في الظِّلْف وتفاوتها في غير ذلك، واشتراك ذوات القرون فيها وتفاوتها في الخلق والمنافع والأشكال، واشتراك حيوانات الماء في كونها سابحة تأوي فيه وتتكون فيه (3) وتفاوتها