شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

3952 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الوجه الثالث والعشرون: أن هذه الجمادات والحيوانات المختلفة الأشكال والمقادير والصفات والمنافع والقوى والأغذية، والنباتات التي هي كذلك= فيها من الحِكَم والمنافع ما قد أكثرت الأمم في وصفه وتجربته على ممر الدهور، ومع ذلك فلم يصلوا منه إلا إلى أيسر شيء وأقله، بل لو اتفق جميع الأمم لم يحيطوا علمًا بجميع ما أُودِع واحدٌ من ذلك النوع من الحِكَم والمصالح. هذا إلى ما في ضمن ذلك من الاعتبار والدلالة الظاهرة على وجود الخالق ومشيئته وإرادته واختياره وعلمه وقدرته وحكمته، فإن المادة الواحدة لا تحتمل بنفسها هذه الصور الغريبة والأشكال المتنوعة والمنافع والصفات ولو تركبت مع غيرها، فليس حدوث هذه الأنواع والصور بنفس التركيب أيضًا، ولا هو مقتضٍ له، فحصول هذا التنوع والتفاوت والاختلاف في الحيوان والنبات من أعظم آيات الرب تعالى، ودلائل ربوبيته وقدرته وحكمته وعلمه، وأنه فَعَّال لما يريد اختيارًا ومشيئةً، فتنويع مخلوقاته وحدوثها شيئًا بعد شيء من أظهر الدلالات. وتأمل كيف أرشد القرآن إلى ذلك في غير موضع، كقوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4]. وقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164].

الصفحة

230/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !